قال له قائل: فما كذبهم القرآن إذا. لأن الشبه إذا ألقي على الجثة صارت كعيسى. فما كذبوا في الصورة وما يدركه العيان؛ لكن كذبوا في الاسم، والاسم لا عبرة به.
قال له قائل من الحاضرين: هذا يسد علينا طريق العلم والثقة بالإحساس. لأنه إذا كان يجوز تقليب الصور إلى أمثالها، فما الثقة والأمن من جهة الحاسة؟ ونحن مع هذا القول في عيسى [ما الذي يؤمنا من] أن يكون الله سح قد قلب صورة زيد وعمرو إلى أمثال ذلك.
قال له رجل عالم: يؤمنا من ذلك أن الله لا يفعل ذلك في غير زمن النبوات، لئلا يسد علينا باب العلم بالحقائق. وفعله في بعض الأحايين على طريق اللطف لا يسد علينا باب العلم؛ كقلب الأعيان في حق الأنبياء لا يسد علينا باب العلم في غير زمنهم.
٢٩٦ - فصل
من الظلم الصرف والبغي البحت مطالبتك صفو الود من ممزوج الخلق. إن علمت أن في العالم من هو صرف، فاطلب منه الصرف. هذه الأطعمة والأشربة، حلوها وحامضها ومرها، لا يعطيك ما يشهيك أو يشفيك، إلا ويكسبك ما يمرضك أو يوهنك، لما في مطاوي اللذة من الطبع الأصلي والمزج العنصري. فما بالك تطلب من يحلو لك شهي مودته وطيب أنسه ودعة رضاه، ولا يمرك سورة غضبه وغائلة ملله وقوارص حده