٣٠٦ - استدل حنفي في مسألة السلم في الحيوان بأنه مما لا تضبط مقاصده بالصفات؛ فهو كالوالي.
قال حنبلي: لا نسلم؛ بل تضبط غالب مقاصده ومعظمها التي لا يبقى بعدها إلا معفو عنه، وهو ما وراء المشاهدة في بيع الأعيان.
قال الحنفي: معلوم أن الصفات لا تنتظم جواهر الرجال. وقد يذكر الطول والضخامة والهزال، ويكون بين رجل بهذه الصفات وبين آخر مثله تفاوت يأخذ من العوض مأخذا عظيما؛ كما يصف القد والوزن في اللؤلو، ويكون بين مثل لولؤتين في ذلك المقدار ما يعظم قدره من العوض. بخلاف الأطعمة والأشربة والثياب؛ فإنه لا يكون بين النوع الجيد الموصوف بأقصى صفاته تفاوت إلا بقيمة تافهة، لا بتطلب النفس ذلك القدر.
قال الحنبلي: القدر الذي تشير إليه يفوت الناظر أيضا. فإن الأمانة والثقة والدماثة وجودة العمل لا يجعل اختياره إلا باستعمال الحيوان، ليظهر جوهر الخيل في شيرها وعدوها، وجوهر العبيد في امتحانهم بالأعمال وحفظ الأموال. ثم لا يعتبر وراء الرؤية معرفة لهذه الأحوال والجواهر. ومعلوم أنا لسنا نطلب بالصفات إلا أن تأتي على ما يدركه العيان. فمن يتطلب ما وراء ذلك، يوقف هذا العقد؛ وهو عقد تدعو الحاجة إليه.