عاجز. لأن المستحيل في نفسه ممتنع الوجود، لا لأمر يرجع إلى قدرة القادر. فكذلك المعدوم، لا يتعلق العلم به، لا لمعنى يرجع إلى قصور العلم فيكون جهلاً، بل لأنه في نفسه يستحيل أن يكون معلقًا، أو متعلقًا عليه. فكما لا يكون المستحيل في نفسه يوجب للقادر عجزا، كذلك هنا استحالة تعلق العلم على المعدوم لا يوجب للعالم الذي لا يعلمه جهلاً.
قال الحنبلي: فقد أكذبك القرآن بقوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه}. فأخبر عما لم يكن، إن لو كان، كيف كان يكون.
قال المعتزلي: إنما أخبر عما علمه في نفوسهم. وذلك موجود عندهم. ومن علم شيئًا فأخبر عما يكون من حال ما علم بحسب ما علم، فما تعلق علمه إلا بموجود، لا بمعدوم، وهو ضميرهم بأن {لو ردوا لعادوا}. ولهذا قال سح:{وإنهم لكاذبون}. فعاد التكذيب إلى قولهم.
٤٣٦ - شذرة
ذكر بعض أهل الكلام في نصرة منع النسخ: قولكم، يا معاشر القائلين بالنسخ لأجل المصالح الربانية، مثل نسخ تحريم الخمر بعد ما جرى من حمزة، ما أعجب قولكم بأنه صان المنع مصلحة! وكيف يكون في الثاني مصلحة وقد وقع فعل حمزة مفسدة؟ فما كان أحوجنا إلى تحريمه قبل وقوع تلك المفسدة! لأن الحكيم، كما يمنع من الفساد العام، يمنع من الفساد وإن قل.
قال حنبلي: إن من الحكمة أن مكن من الشرب ليقع ما يكون له