اجتمع جماعة من أهل العلم فتذاكروا شأن النكاح وهل الأفضل تركه لمن استغنى عنه بنوع صرف كإبردة، أو عنة، أو فتور نفس بضعف أو كبر، أم الأفضل التلبس به. فقال بعضهم: بل الأفضل تركه. لأن الله سح مدح يحيى بقوله:{سيدًا وحصورًا ونبيًا من الصالحين}. ومعلوم أن الحصور الذي لا حاجة له ولا أرب في هذا الشأن. وإلى هذا المعنى أشار النبي صلع حيث قال: ليس منا إلا منهم، أو عصى، إلا أخي يحيى. وما مدح الله عليه، فهو الفضل.
قال آخر مستدلاً على أن النكاح مع هذه الحال أفضل، فقال: الذي أشرع فيه أولاً أن أقول: معلوم أن الحصر ليس يتحصل به أكثر من المنع عن الزنا. ومعلوم أن نبينا صلع كانت عصمته مانعة من الكبائر. ومع ذلك نكح فأكثر، ولم يقنع بالواحدة. فكانت عصمة الله سح بالألطاف التي يصون بها النبوات مع التحصين بالواحدة والاثنتين معينًا له عماد زاد من تلك الأعداد. ثم إنه تزوج. ولا يجوز أن يحمل نكاحه على إفراط في قضاء وطر النفس وشهوة الفرج. فإنه أبان عن الغرض في أصل وضع النكاح. فخاطب به أمته، فقال: تناكحوا تناسلوا تكثروا، أباهي بكم الأمم. فتراه صلع يحث على النكاح لغرض، فضل وسلك غير مسلكه الذي حث عليه، من قصد الإيجاد لعباد الله، والمباهاة لأمم الأنبياء قبله؟ كلا!