الطمع في! فالعرش وما دونه خائف من سطواتي ونقماتي. وما تقرب المتقربون إلى [إلا] بأجل من الخوف والتعظيم لأوامري والانتقاد لطاعي؛ {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
من قال لك غيرهذا فقد غرك. والله وصف [بأنه] يعز ولا يطمع. كلامه ينقسم إلى وعد ووعيد. وهو الصادق فيها. فأين الطمع فيه وأفعاله منقسمة بين إعطاء وسلب، وبناء وهدم، وخصب وجدب، وجمع وتفريق، وإغناء وفقر؟ حتى إن النحلة في فمها الشهد، وفي حتمها السم؛ والنحلة بين شلًا موجع، وجني محلى مشبع. والنسيم تارة بارد مروح، وتارة سموم محرق. فما الذي من أفعاله تطمع إلا وفي طيه ما يفزع؟ العاقل من خلص من هذه الأمور المختلفة صفاء يصلح للقاء الله، وإخلاصًا يصلح لرؤية الله، لأنه القائل سح:{وأن سعيه سوف يرى}؛ {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم}.
٤٧١ - قد ورد في الأحاديث ما يدل على استحباب الإغفال والإغضاء عن هفوات من كثرت حسناته ومحاسنه. فقال صلع: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. ثم علل فقال: لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. تقدير هذا الكلام: حسناتهم ومتقدمات أفعالهم وطاعاتهم تمنع أمثالكم أن يتكلم فيهم. وكذلك قوله: إن فلانًا من أهل بدر؛ وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر. فقال:{إعملوا ما شئتم}