وقد يرفع الشيء ما يضاد شرطه، وإن لم تضاده نفسه. وذلك أن العلم إنما ضده الجهل دون الموت؛ لكن الموت، لما ضاد شرط العلم وهو الحياة، لا جرم إذا وجد الموت في المحل المضاد للحياة التي هي مشروطة للعلم بزوال الحياة كأنها ضده، كما يزول العلم بحلول الجهل الذي هو نفس ضده.
٣٢٨ - قال بعض المفتين في مسألة من وقف على امرأتين، وشرطه أن من مات منهما رجع حقها وحصتها إلى الأخرى دون ورثة المتوفاة، وهذا الوقف له ريع ونماء يحصل منه شيء من زرع وثمر، فقبل أن يجد ويحصد ماتت إحداهما. فسارع وأفتى ألا شيء لورثة المتوفاة؛ وإن كانت الأخت ممن لا يتحجب كان لها من الريع بحصتها؛ وجميع رقبة الوقف لها بحكم شرط الواقف. فكان الصواب ما أفتى به الحنبلي.
٣٢٩ - وسأل سائل عن حالنا مع إبليس، كيف يكون لنا به قوة وهو يرانا ونحن لانراه.
فأجاب حنبلي بأنه لو كانت معاداته تحتاج إلى مناضلة ومضاربة، أضر بنا عدم رؤيته. فأما وأذيته إلقاء إلى القلوب وسوسة في الصدور، فجواب المسألة منها كما يقال. فكما أن سهامه كالخواطر العارضة يلقيها