قال مالكي: معلوم أن زنا العاقل بالمجنونة لم يتم فعله إلا بفعلها. وفعلها مقصر على إيجاب الحد. والحد أسبق إلى الإسقاط بالشبهة. ثم لم يوجب مشاركة المجنونة مع تقصير فعلها من نهوض فعله موجبا للحد؛ كذلك العامد.
قال حنبلي ناصر للرواية التي لا توجب القتل على شريك الخاطئ: إن الزانيين جعل كل واحد منهما فعله فعلاً كاملاً في استدعاء الحد. وفعل الرجل تام. والتقصير في المرأة، وهي محل تقصير، لا يعود بتقصير الزاني؛ لأن لفرجها حرمة، وهو مشتهى كفرج العاقلة. فلم يبق للتقصير وجه سوى أنها لم تقصد. وعدم القصد منها لا يخرجها أن تكون محلا كاملاً لقضاء شهوة الفرج. فهي كالنائمة والجاهلة بتحريم الزنا المخدوعة. وفي مسألتنا اختلاط فعل الخاطئ بالعامد قصر فعل العامد. لأن النفس لم يتحقق زهوقها بهذا العمد؛ لأن للجراحة خطأ حط من الألم في إزهاق النفس، فلا يتميز لنا الخطأ من العمد. واختلاط ما يوجب ما يسقط يوجب إسقاط ما يسقط بالشبهة؛ كمحل الوطء في الجارية المشتركة. فإن كل واحد من الشريكين، إذا وطئ، فقد وطئ في ملك غيره؛ لكن لما كان مختلطًا بملك نفسه، غلب الإسقاط. وهذا أشبه من وطء العاقل للمجنونة.