احذر ممن إذا غلبت عليه حال من الأحوال، استحال حتى لم يظهر فيه تقييد العقل عن الشطح، وإن غضب، تأسد، فلم يبق فيه ما يكفه عن الصول، وإن اعتراه النهم، خرج بصورة رخم ساقطًا على ما وجد من المطاعم، لا يلوي عن تناول المستقذرات في الطبع والمكروهات في الشرع، وإن عرض بها طالب الحق ومقتضي الشرع راغ روغان الثعلب، لا يمزج روغانه ثبات، ولا إصغاء إلى إذعان، ولا استجابة لهذا الشأن. فهذا لا يدخر عنده الإحسان، لأنه كالوعاء المخترق، ولا يرجى منه الخير. فاحذر معاشرة أمثاله، فإنها من أعظم الأخطار. ومجموع هذا في كلمة: لا تعاشر متلونًا.
٣٧٣ - جرى في بعض مجالس المذاكرة أن قال قائل: الحمار حرام. فقال له حنبلي: ليس كل حمار، ولا عند كل مفتٍ. فحمار الوحش حمار، وليس بحرام. ومالك مفتٍ وإمام، ويفتي بإباحته على الإطلاق.
قال قائل: فهل كل من يفتي بتحريم الحمار يفتي بتحريم البغل؟
قال الحنبلي: لا، بل لنا بغل مباح، على مذهبنا ومذهب الشافعي وأبي حنيفة، مع قولنا بأن الحمار الأهلي حرام. وذلك يتصور في بغل مخصوص، وهو فرس نزا على أتان وحشية فأولدها. فإنه يولدها بغلًا