٣٧٤ - قال حنفي في مسألة الدين يسقط الزكاة: إنا أجمعنا على أن عبد خدمته وثوب بذلته ودار سكناه، كل هذه، لما كانت معدة لحوائجه، إذ كان المخلوق مناط الحاجات، كان المعد لحاجته، لما استوعبته حاجته، لم يجب فيه زكاة. وهذا الدين مشغل لذمته بحقين له في دنياه وآخرته. فكان ما في يده من المال مستوعباً في هذه الحاجة، فلا وجه لإيجاب الزكاة فيه.
٣٧٥ - وجرى فيها أيضًا أن قال الحنفي: هذا يأخذ الزكاة بحكم الحاجة. فكيف يؤخذ منه الزكاة بحكم الغناء؟
قال الشافعي: ليس يمتنع أن يكون غنيًا بما في يده، بحكم أنه مال زكائي حال عليه الحول. ويأخذها بحكم أنه يبرئ ذمته، وهو إلى إبراءٍ محتاج. وهذا، كما قال أبو حنيفة، يأخذ العشر ويخرج العشر ولو من عشر بسرات. فيخرج العشر بحكم ما له من القليل الذي لا يوجب له الغناء، ويخرج عشره بحكم أنه ملك مالًا له عشر. وكذلك ابن السبيل يأخذ العشر وريع العشر، ويخرج من ماله في بلده ذلك من سائر أمواله.
قال الحنفي: فالمعنى الذي حققت به حاجته إلى إبراء ذمته من عزمه