يدفعها، أسقط أكبر الابتلائين واقتنع بآخرهما، وهو المالية التي تسد الخلة. والابتلاء بطاعة الله سح في الذبح الذي وضع على ضد ما بني عليه الطبع، من الرقة والحنو والرحمة والرأفة، لا يوازيها مكابدة شح النفس في بذلك المال فقط. فصار بمثابة من اقتصر من دفع الزكاة على إيواء الفقراء في البيوت، محتسبًا لمنافعها وسكناها، استخدام لهم العبيد والدواب، محتسبًا بذلك من الزكاة. فأما دفع القيمة التي تحصل بها المؤاساة ومكابدة النفس في إخراج ما تضن به من المال، فلم يترك معه تعبدًا؛ بخلاف ما يترك من الذبح في الأضاحي. قال: والدليل على أن الذي لله في الأضاحي هو الذبح، وهو التعبد الأول، أنه يحتاج أن يتولاه من هو من أهل القربة ممن يهل لله؛ ولو تولاه من لا يهل لله، سقط حكم اللحم، وخرج عن المالية، وصار ميتة. ولو فرق اللحم ذمي، جاز. وإذا غلب الذبح، فبالقيمة يفوت ذلك التعبد.
٤٥٠ - استدل شافعي في عين لفظ الإنكاح والتزويج
فقال: أقرر بأن المسألة لغوية، وأن الألفاظ وضع لغوي تترتب عليه الأحكام الشرعية، فأقول: إن العرب إذا وضعت فإنما تضع حقيقة أو استعارة من حقيقة. ولفظا الإنكاح والتزويج وضعا لهذا الأمر وهذا العقد؛ فلا يجعل غيرهما نائبًا عنهما إلا بوجود معناهما. وليس في الهبة معنى النكاح، ولا معنى لفظه؛ لأنه إنما هو الازدواج والاجتماع.