إذا كان كل مخلوق يشتمل على نقائص وفضائل، فما أغنى المادح والذام عن الكذب إذا سخط أو رضي فإذا غضب وجد نقائص يكون بذكرها صادقًا. فما باله وإلحاق النقص بنفسه بكذبه؟ وإذا رضي فوجد فضائل، فما باله يكذب بذكر ما لا يجد مع وجود ما يمكنه المدح به ويكون صادقًا؟ فما باله ألحق المدحة بغيره والنقيضة بنفسه حيث زاد بما لم يجد؟ ألا ترى أن الله سح، لما ركب عيسى ما بين فضل هو النبوة وإظهار المعجز على يديه بإحياء الميت وإبراء الأكمه والأبرص، وغلا فيه قومه فقالوا إنه إله، قال فيه:{ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة}. وهذا مدح يقتضي النبوة. ثم قال:{كانا يأكلان الطعام}. وهذا نقص في الكمال يقتضي التغذية، وهي في الحقيقة قيام الذات بغيرها، وحاجتها إلى التقويم بسواها. وهذه سمة تنافي عنا الإلهية. فإن الإله ما احتاجت إليه الأشياء، واستغنى بذاته عن الأشياء. وأراد بذكر هذا النقص نفي العلو فيه بدعوى الإلهية. فما [من] شيء إلا وقد ضمنه الله نقصًا وكمالاً. فما أغناك عن الكذب بالتزيد في النقائص أو الفضائل والخصائص؟