٥٧٥ - كان قد سبق السؤال لحنبلي عن صكة موسى لملك الموت، وقلع عينه، وكيف يكون التأويل له حتى يسلم من الفسق والخروج من حكم النبوة، حيث فعل بملك من ملائكة الله، جاء بأمر الله، لما قدره الله. ولو فعل هذا برسول قاض من الخلق، لفسق فاعله. وخطر لي جواب حسن يخلص موسى من المعصية. وذلك أنه أتاه بصورة آدمي، فاستشعره صائلًا، فدفعه دفع الصائل. ((ومعلوم أن الملائكة، إذا تصوروا بصورة آدمي، لم يبق للأنبياء دلالة على أنهم ملائكة؛ [فلا] بد من دلالة تدل على أن ذلك الرجل ملك من عند الله. كما لم تعلم أمة كل نبي أن رسولهم رسول الله إلا بعلامة. فالنبي مع الملك كآحادنا مع مدعي الرسالة؛ لا سيما إذا كانت صورته كصورة النبي الذي جاء إليه، وادعي أنه رسول الله إليه. فكما لا يثبت عندنا صدق رسولنا إلا بدلالة هي المعجزة، فلا بد لنبينا - صلى الله عليه وسلم- من دلالة. وتلك الدلالة هي إشعار بالغيب أو إثباته بسورة من الكتاب الذي ثبت أنه معجز لنا وله - صلى الله عليه وسلم. فإذا ثبت هذا، علم بأنه يجوز أن تكون تلك الفعلة والصكة كانت من موسى - عليه السلام- قبل أن ثبت عنده أنه الرسول من الله - تعالى-. لما جاء به من قبض روحه، فبادر فصكه. فهذا تأويل يدفع الكبيرة العظيمة عنه.