واجتمعوا وتذاكروا. فقال من نصر جواز تقليد الموتى: إن حكم مذاهبهم باقٍ؛ حتى إنه لا يجوز إحداث مذهب يخرج عن إجماع الموتى؛ كما لا يجوز إحداث مذهب يخرج عن إجماع الأحياء. ولأن الميت استقر مذهبه استقرارًا لم يبق يرجى رجوعه عنه. ولهذا اعتبر قوم في ثبوت الإجماع انقراض علماء العصر. وقال الذي منع تقليد الموتى: إن الموت يبطل حكم الشهادة. فلا يشهد على شهادة ميت. وذكر أشياء لم تتحصل فأذكرها.
١٣٦ - وجرى بجامع القصر مسألة تخالف المتبايعيين
استدل فيها حنفي بقول النبي صلع: البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. وليس يتحقق في مسألتنا مدع إلا البائع، ولا يتحقق فيه إنكار إلا صورة. واليمين لا تثبت إلا في جنبه منكر حقيقة، لا منكر صورة. وليس من حيث كان منكرًا للعقد الذي يدعيه المشتري يكون منكرًا حقيقة. لأنه يحصل لنفسه بقوله شيئًا هو زيادة يدعيها من الثمن. والمشتري يدفع تلك الزيادة. والدفع هو المغلب في حقه. وصار بمثابة من أودع رجلًا وديعة، فأدعى المودع أنها تلفت؛ فقال صاحبها إنها لم تتلف؛ فإنه منكر، لكن لما لم يكن إنكارًا حقيقة، بل صورة، لم يخلف. ولما كان المودع منكرًا حقيقة، ثبتت اليمين في حقه حقيقة