خلقه قبل ذلك على صفة لا تؤذي أهل الليل؟ )) فإن كان هذا وأشباهه مما روى وصح، حسن أن يقال في القلفة ما قيل ويعلل فيها بما علل. ولا ينبغي أن يمتنع من تعليل قد ورد بمثله الكتاب.
(على أنه قد قيل إن البشرة محل لذة الجماع، واللطافة فيها تورث لطافة الحس. ولو كانت مكشوفة منذ خلقت لحشت وخشنت فتعذر الإدراك فيها. ولذلك قيل إن الروم ألذ جماعًا من غيرهم، لأنهم يجدون لذة الجماع بكمرة لم تنكشف لمباشرة الهواء. فيه ألطف إدراكًا. - والله أعلم.).
١٥٠ - فصل في قوله تع {لقد خلقنا الإنسان في كبد}
قال حنبلي: نقول جملة، ثم نشرح ذلك تفصيلًا يكشف عن ذلك. فالجملة أنه مخلوق في مكابدة الخروج من الأم إلى الفساح؛ ثم مكابدة اجتذاب اللبن من البدن؛ ثم مكابدة الرضاع والتربية؛ ثم مكابدة الأعراض والأمراض؛ ثم مكابدة الآداب؛ وبعد ذلك مكابدة المعاش. فبينما تراه في صورة بهيمة يحرث، ثم يسني ويسدف، ثم يسمد ويسقي، ثم يراعي وينظر، ثم يحصد، ثم يدوس، ثم يذري وينقي، ثم يطحن، ثم يعجن، ثم يخبز. فلو رآه من لا يعرف الغرض الأقصى لأدهشه ذلك، وظن أنه من الأغراض الفاخرة. فإذا به لأكلة غايتها