قال القاضي أبو زيد الدبوسي: وأما الحرة العاقلة البالغة، إذا زوجت، فيجوز عند أبي حنيفة، وقول أبي يوسف الآخر. كذلك تثبت لها ولاية تزويج قرابتها، إذا لم يبق ولي من جهة الرجال. وكذلك الخال، تثبت له ولاية التزويج، إذا لم يبق من جهة الأب قريب، في قول أبي حنيفة، وقول أبي يوسف الآخر.
احتج أبو حنيفة في الأصل لجواز نكاحها لنفسها بنفسها: إن هذا العقد وهذا النكاح بمهر المثل خالص حقها قبل الولي؛ بدليل أنها إذا طلبت، لزم الولي إيفاؤه إياها؛ وإذا أبت، لم تكره عليه؛ كدين الإنسان قبل آخر. فثبت أنه خالص حقها. لأن الشرع جعل المباشرة إلى الولي، كمباشرة إيفاء الدين. فكانت مباشرة الولي للخروج عما عليه لصاحب الحق. فإذا كان صاحب الحق ممن يجب الإيفاء بطلبه، فإذا استوفاه صاحب الحق بنفسه، من غير طلب بعد الاستيفاء، لم ينقض عليه؛ كصاحب الدين إذا دخل حرز الغريم واستوفى حقه بغير إذنه. وهذا لأنه في الحقيقة ما أبطل من حق الغريم شيئًا؛ إنما أسقط عنه مباشرة كانت تلزمه. فكذلك في مسألتنا هذه. ألا ترى إن تبرع عنه بقضاء الدين، يصح؛ لأنه لم يبطل من حقه شيئًا. وكذلك الإبراء