أما ما كلفك من الفرض، فقد آتاك قدرة عليه استطاعة له. وأما ما ندبك إليه من الفضل، فقد أعد لك بإزائه ألطاف. فإذا أديت الفروض، أمدك بالألطاف ليكمل بفعل الزيادات من الفضائل. وأنت إذا أهملت الفروض، وقصرت في الحقوق، سولت لك نفسك أن تعتذر بعدم التوفيق والإعانة، فتقول:((لو وفقني! لو أعانني! )) ما أغفلك عن الحجة له! وما أجراك على الاحتجاج عليه بما لا يورثك إلا بعدًا من الله! ما استزاد الله سح إلا متقاعدًا بحقوقه أو محتكرًا شره في حظوظه. وإلا فما أعدم الله أحدًا ما يوصله إلى طاعته. خذ إنصاف الحق من قوله لرسوله صلع:{قم فأنذر}؛ {وأنذر عشيرتك الأقربين}. ثم قال له من طريق الحث واستخراج ما عنده من الوسع:{بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}. وعلم أن في الطبع نوع انحساس من الناس فقال:{والله يعصمك من الناس}. فما زال ما في النفس من الضعف بالخوف من الجنس بضمان العصمة منهم، حينئذ اشتطت النفس وثابت القوة. وإذا كان الحق لا يكلف إلا بالإعانة وإزالة العوائق، صار من خداع النفس طلبها للتكليف معاني زائدة على ما آتى. لأن ذلك نوع تسويف بالتكليف، لانتظار ما لا يلزم.