الفقهاء؛ فلا تجد إلا إجماعهم على تخطئتك. ولست بحيث يلتفت إلى قولك ويترك الإجماع لأجلك، أو ممن يقف الإجماع على موافقتك."
١١٦ - وجرى يوماً بالمدرسة النظامية
ذكر الاجتهاد في مسألة تولية القضاء للعامي
فقال المتكلم الناصر لمذهب أبي حنيفة: وأين المجتهد؟ هذا أمر يعود فيسد باب القضاء.
قال له حنبلي بسرعة جوابين قاطعين. أحدهما أن قال: إن انسد باب القضاء بقولنا من حيث قلنا "يحتاج الحاكم أن يكون مجتهدًا" انسد باب القضاء ووقف من حيث قولكم إنه لا ينفذ حكم الحاكم العامي إلا باستفتاء مجتهد. فإذا كنت تدعي تعذر المجتهد، ولابد لك من مجتهد يقلده الحاكم، ولست ممن يقول اليوم لا يصح الحكم، بل تقول يصح، فالمجتهد الذي وجدته لنفاذ حكم الحاكم بفتواه أبطل قولك في دعوى تعذر المجتهد لصحة حكمه في نفسه باجتهاده.
على أن هذا قول باطل من وجه آخر. وهو أنه يقال لك "هل يتعطل الإجماع في عصر من الأعصار؟ " فإن قلت "نعم" أبطلت دليلاً من أدلة الشرع، وزعمت أن الله قد رفع دليلاً معصومًا من أدلة الشرع. لا سيما في شريعة لا يتداركها نبي معصوم، كالأمم السالفة. وسمعت بعض الأئمة يقول: لا يتحقق قول النبي صلعم "العلماء ورثة الأنبياء" إلا في هذه