٩١ - سأل سائل حنبلياً: ما بالنا نجد للمنام روعة وحشمة ليست لليقظة؟ حتى إن أحدنا يقطع بأن اليقظة أوفى، ويجد من المنام ما يوفي على اليقظة.
قال الحنبلي: للمنامات روعة؛ إذ كان فيها ما هو إشعار من جهة الله تع، وجزء من الوحي والنبوة؛ وفيها رموز وإشارات مضمرات. ولهذا يعبر عنها بغير ما يرى. وفي اليقظة لا يعبر بالبقرة السمينة عن سنة خصبة، ولا بالبقرة العجفاء عن سنة جدبة. ولا بأكل الطير من حامل خبز على رأسه بأنه مصلوب يأكل الطير من رأسه. وعلى هذا أبداً لا يعبر عما يشاهد بأنه خلاف ما شاهد.
فاعترض السائل على الحنبلي المجيب بأن الاقتضاء الصريح من نص الكتاب المقطوع بأنه كلام الله يقول:{لا تقربوا الزنا}، {لا تأكلوا الربا}، {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر}. والناس على ذلك مصرون، وللمخالفة مرتكبون، لا يتوبون ولا يقلعون. فإذا رأى أحدهم مناماً كأن خيال النبي يعتبه، أو ملكاً يوبخه، أو شخصاً يقول له ((ما هذا الإصرار على هذه الذنوب الكبار؟ )) أصبح متوجعاً متفزعاً، ونهض إلى جاره الصالح أو العالم بالتوبة على يده مسرعاً، ولازم المحراب، وتخشن بعد التنعم، واجتمع بعد التبسط، وخشع بعد البطر والأشر. أليس هذا من عظيم المحن أن لا تعمل فيه القطعيات، وتعمل فيه النخيلات، مع توحد