العقوبات. لأن البضع يستابح بالبذل، لكن بذلاً على صفة؛ وهو بذل بعوض. وفي الأصل العقوبات لا تستباح ببذل عوض، ولا بغير عوض. ولا سيما عندك يحصل بذلاً بالتفويض بغير مهر. فلا يبق لك، مع كون البضع ساوي المال في البذل بعوض، إلا تميزه بما ذكرت، وأنه لا يستباح بغير عوض؛ فيبطل بطبقات المال. فالربونات والأثمان المختصة بالصرف تختص بما يحجر الشرع به. ولم نختلف في باب الشهادة على أن النكاح قد أعطيته حقه من التمييز بالشهادة، وهو اشتراطها. فأما اعتبار مزية أخرى هي الذكورية، فلا وجه له.
٣٢٤ - وجرى في هذه المسألة أن قال حنبلي: ولعمري إن الشهادات، وإن كانت مراتب، إلا أنها بحسب الحاجة. فإن اشتدت حاجة الناس، وشق إقامة بينة عليا في أمر تعم البلوى به، [فإنه] يحتاج إلى إثباته ببينة سهلة، لأجل غموض المشهود به؛ مثل مسامحة الشرع في شهادة النساء في الولادة، والعيوب تحت الثياب، ومثل شهادة الواحد في الهلال، ومثل قول المقومين في الغرامات، وقبول كل فريق فيما يعانيه، لئلا يضيق الأمر وتقف الأحكام. فأما النكاح، فإنه ليس من قبيل لا يحتاج إلى إثباته. بل هو مما تدعو الحاجة إلى إثباته، والشهادة فيه مشروطة. فلا وجه لإيقاف انعقاده على الرجلين ولا الحرين. ولهذا عقدته