فقال: ليس بشرط. لأن انقراض العصر ليس له وقع في الإجماع. لأن الاجتهاد من كل واحد منهم طريق للظن؛ والمهلة للنظر شرط لحصول النظر. فلا حاجة بنا إلى إنقراض العصر، لأنه توقع لزمان مستقبل ولحدوث اجتهاد ممن عساه يتجدد. ولا يخلو أن يتلاحق في العصر ناشئة، فلا يستقر إجماع.
قالوا له: قولهم ((ما دام العصر باقيًا)) ما استقر. بدليل أنهم إذا اختلفوا على قولين في حادثة، انعقد إجماعهم على تسويغ الاجتهاد. ثم إذا أجمعوا على أحد القولين، فقد تركوا إجماعهم على التسويغ، وصاروا مجمعين على ضد التسويغ.
منع، ثم سلم، وقال: إذا افترقوا على قولين، فهم غير قاطعين على تخطئة القول الآخر، ولا على تصويب قولهم؛ بل هم ظانون ذلك. ومن كان ظانًا، هو مار إلى القطع، وما قطع. فهو كما لو كان في مهلة النظر، لأنه ما استقر له يقين. ليس كذلك المجمعين. لأنهم قد قطعوا على الحكم وتيقنوه؛ فلا وجه لوقوف الإجماع على معنى بعد ذلك.
قالوا له: إذا حدث قائل لم يخالف إجماعهم، كابن عباس، لم يسقط قوله؛ وهو من الصحابة، ومن أهل عصرهم، ومساو لهم في الإجتهاد والصحبة والعصر.