ابتداك, ومن أي شيء ابتداك, وكيف بناك ورباك. فما من حدك وقدرك أن تكون عليه مشيرا, أو تكون معه مدبرا.
٥٢٦ - فصل على من جحد القدر
قال رجل من أهل العلم: الباري سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم بلغوا من العناد الغاية التي لا رجاء لراج معها استجابة. فقال سبحانه وتعالى:(ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) , (لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحرون). ومع ذلك الكشف لما أدركه من أحوالهم وعاقبة أمرهم بعلمه الذي لا يتغير ولا يختلجه شك, ولا يتطرق عليه ريب, أمره بالبلاغ, وحثه على الإنذار لهم, واللطف بهم, والعفو عنهم, وكذلك أمر موسى باللين في القول لفرعون مع العلم بعاقبة أمره. فما أبطنوا التكليف على العلم؛ ولا حسن بمقتضى تحسين العقل. فإن خطاب من قطع الشاهد بعدم استجابته للمخاطب يجعل الخطاب لغوًا, والبلاغ عبثًا وإتعابًا, ليس فيه ولا وراءه فائدة. ويجعل المخاطب بذلك كالمترجي لخلاف ما وقع له. وليس العلم من هذا القبيل. بل العلم هو الكاشف عن المعلوم. المدرك له على ما هو به. والعلم كشف عن عدم الاستجابة. والخطاب استدعاء ظاهرة الترجي للاستجابة. فعلم أنه قد حسن من الله تعالى, في باب التكليف. ما لا يحسن في الشاهد.
٥٢٧ - قال الخليل بن أحمد: الرجال أربعة: عالم, فتعلم منه, وجاهل