قال الشافعي: صناعة لم تخرجها عن المالية؛ فلا تسقط قيمتها بالإتلاف. كالصور المرصوعة في الساج وعلى الحيطان المجسمة. فإنه لو نقض الحائط أو غرقه وأحرق الساج أو غرقه ضمنه ساذجًا. كذلك أخشاب الطنابير والمزمار والعيدان.
اعترض عليه حنبلي فقال: لا أسلم، بل قد زالت المالية بما صرفت إليه من الصورة المعدة للهو. كما سقطت مالية المرتد بردته في إسقاط ضمانها بالإتلاف؛ وكما سقطت مالية العصير بشدته؛ وكما سقط ضمان مالية المنبوذات من الأشياء. وإن كان مثلها يتمول في العادة ويضمن، لكنه لما نبذها سقط حكم ضمانها على متلفها؛ كذلك من صرف الأخشاب والرق والوتر، كل ذلك في صورة موضوعة للهو. فقد نبذها فيما لا ضمان له، فصار غير مضمون في نفسه.
قال الشافعي: إن الصورة عرض عارض على هذه المالية الثابتة. وما استحال بها عن كونه على صورته المحسوسة وماليته المرغوبة. ويمكن فصل الصورة عن هذه الأعيان المتمولة. وذلك يزيل التهيؤ للهو عنها، ويخرجها عما يفسد. ومن أمكنة دفع المضرة بهذا القدر اليسير، فجاوزه إلى المضرة الكبيرة بإتلاف أصل المادة، فقد أسرف إسرافًا يوجب الضمان. كما قلنا