قال: ولأن التقرير الذي ذكرت ببطل به إذا زالت الرتبة بمزيل، وهو إن صار اللافظ بها أدنى والمستدعى منه أعلى بأن انحطت رتبة المستدعي وعظمت رتبة المستدعى منه، فإنها تبقى أيضًا على بعض ما اقتضت، وهو كونها استدعاء، وتخرج عن حقيقة الأمر؛ بخلاف العموم، فإنه لا يخرج عن الحقيقة إلى المجاز، مهما بقي جملة يقال فيها ((عم يعم.)) فلما لم يبق بعد زوال الرتبة من الاستدعاء أمر حقيقة، كذلك لا يبقى بعد زوال استحقاق الذم بمخالفة الصيغة أمر حقيقة.
قال: إنما لم يبق استحقاق اسم الأمر بعد صرفه إلى السؤال، لأنه لم يبق ما يكون الاستجابة له طاعة.
قاله له: إلا أنه بقي ما يكون الاستجابة له موافقة واستجابة ومتابعة وإعطاء. وذلك من آثار الاستدعاء.
٢٨٠ - فصل
قد عرف محل الأقوال والأفعال بالوحي في حق أقوام عاصروا النبوات. هذا يقول في عظم نخر ((هذا يحيا)). فينزل الله تع فيه {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه}. وهذا يقول:{أنى يحي هذه الله بعد موتها}، فيميته الله مائة عام ثم يبعثه فيقول:{أولم تؤمن}. وهذا يرفع صوته، فيقال:{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} إلى قوله: {أن تخبط أعمالكم}. فلو كان الوحي متصلاً، لساءك ما ينزل فيك عند فرطاتك وغلطاتك وتهجمك بالاعتراض والقول الذي لا تحتمله الحكمة منك. فإن