للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٢٣ - شذرة

كره العلماء ترك النكاح في حق الصلحاء، خوفا عليهم من الرهبانية المبتدعة. وكرهوه في حق المتحرمين المتبذلين، خوفًا عليهم من مواقعة الزنا، وطلبًا لتحصينهم عنه. فلا خير في العزبة إذًا إلا لرجل لا شهوة له، يتخفف بالعزبة كيلا يتمون بحقوق لا قدرة له على الوفاء بها.

روى في الحديث أن الصحابة سألت رسول الله: {أنقضي شهواتنا ونثاب عليها؟ " فقال: "نعم." -يعنون في باب النكاح. وهذا منه صلعم يشير إلى معنى، لا إلى نفس قضاء وطر الفرج وشهوة النفس، لكن لأن في طي النكاح والمباضعة فيه إتباع سنة وإيثار إكثار لعبيد الله في هذه الأمة. ومعلوم أن من دعا إلى الله عبدًا موجودًا، فكان جهبذًا في دعايته وهدايته، كان ممدوحًا بذلك مثابًا. فكيف بمن سعى في إيجاد عبد من عبيد الله يكثر به أمة رسول الله، حيث قال: تناكحوا تناسلوا أكاثر بكم الأمم. وما أقدر المكلف أن يجعل جميع حركاته طاعات لله! كالنفقة على عياله، وأكل الطعام قصدًا لإحياء نفسه وتقويتها على طاعة ربه؛ كقول السفير صلعم: أكل الهريس لا يقوى به على قيام الليل.

لو قصد قاصد بنومه تقليل معاصيه، أو تنفير نفسه عن شر اليقظة، لكان في نومه طائعًا. فاجتهد أن تجعل جميع أفعالك طاعات، حتى اللذات. ونيل الشهوات يقصد به تحلية الحمد لله إلى النفس والعيال والأهل، وتحبيب المنعم سح إلى الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>