فقال: لأنها عبادة غلب فيها حظر الترك، يجب بالوطء فيها الكفارة الكبرى، وهو عتق الرقبة. فجاز أني نعقد مع الفساد؛ كالحج الذي يجب بإفساده البدنة. ولأنها بعد الإفساد يجب الإمساك عن محظوراتها. قال: ولان أوان الوطء مباح، وحصول العضو في المحل المخصوص كان على وجه مباح في زمن الإباحة، وهو الليل، فلا وجه لمنع الانعقاد بحصول مباح. فإذا ثبت الانعقاد، جاء بالدوام الإفساد؛ فوجبت الكفارة.
أخذ المعترض عليه يقول: إن الانعقاد، مع المعنى الذي يوجب الفساد بعد الانعقاد، بعيد جدًا، إن لم يكن داخلًا في المحال، إن شئت في المحسوسات، وإن شئت في الشرعيات. لأن إيجابه للإفساد في الدوام. وهو آكد حالتي الشيء المنعقد، عبادة كان أو عقدًا من العقود يدل على غاية الضمادة والمنع. فكيف يثبت معه العقد، وهو في أضعف حالتيه؟ ألا ترى في المحسوسات أن ما يوجب الهدم بعد البناء لا ينحصل مع وجوده البناء؟ والحدث لا تنعقد معه الصلاة. وعلى ذلك لا ينعقد الإيمان مع اعتقاد الشرك الذي لو طغى لرفع الإيمان.
وأما قولك ((إنه كان مباحًا)) فما علينا مما كان. ومعلوم أنه لما طلع الفجر أخذ بالنزع بالإجماع؛ وحظر عليه اللبث على تلك الحال. فلا وجه لبقاء الانعقاد مع هذه الحال. على أنه لو كان مباحًا، فإن الإباحة