أمثالكم}. ومعلوم أنه لم يرد أمثالًا في الصور؛ لم يبق إلا أنها في خاص من خصائص الإنسانية، وهي الفهوم والفطن. وقال:{وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}. وقال:{إلا أمم أمثالكم}. وقال [صلعم]: لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها.
قال حنبلي: هذا كلام يفوح منه القول بالتناسخ. وما تعلقتم به من هدهد سليمان فذاك يجوز أن يخص كرامةً له وتسخيرًا له؛ كما قال في حق داود:{يا جبال أوبي معه}. وقال {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}. وقال:{وألنا له الحديد}. فإذا كانت الأشياء تخرج عن طباعها تسخيرًا جاز أن يخص بعض الحيوان البهيم بأن يخلع عليه ما يخرجه عن البهيمة تسخيرًا وكرامة؛ كما سبح الحصا في يد نبينا صلع، وحن إليه الجذع، وجاءته النخلة منقادة. ولا يدل ذلك على أن جنس النخيل مكلف مستجيب مأمور، ولا الأجذاع حنانة كلها.
قال الحنبلي: وقد نطق الكتاب العزيز بذلك، فقال:{فسخرنا له الريح تجري بأمره}. ترى صارت مكلفة، أم مسخرة، خارجة عن سمت النار والماء الذي لم يسخر له؟ والتسخير هو أن الباري يتولى إجراءها عند أمره فيتبع أمر سليمان تكوين الرحمن لجريها؛ كذلك في حق البهائم.- والله أعلم.