أكرهه وأحفزه. وذلك لا يمنع وجوب القتل عليهما، كما قلنا. وأبو حنيفة في الرد والمباشر بكونه ناصرًا له ومكثرًا واجبه له إن عجز عن أهل العاقلة. فجعل هذا القدر موجبًا لعموم القتل على الجميع، وإن تقاصر فعل أحدهما على الآخر. كذلك ههنا.
أخذ الحنفي يقول: أنا لا أقتل إلا بقطع الطريق لا بالقتل. ولذلك أقتل وإن كان القتل لمن لا يكافي فيتقدم شرط القود. وأنا أوجب القتل. قال الحنبلي: إلا أنك لا تقتل بالإجماع والنهب حتى يوجد قتل ينضم إلى ذلك، سواء جعلته أصلًا في السبب أو شرطًا. ومع ذلك سويت بين المباشرة والمكره.
وقرر ذلك فقال: كما أن المكره بإكراه وإزعاج دواعيه بما هدد به من القتل أو أزعج به من الإيلام بالضرب، كذلك هذا المكثر بقوته وسلاحه أنشأ في قلب المباشر للقتل قوة لم تكن له مع الواحدة. كما أنشأ هذا المكره في طباع المكره حذرًا على نفسه، فوقاها بقتل الغير شحًا بنفسه وتوقية لها بأيسر الأمرين، وهو صرف القتل عنها إلى غيره. وهذا القتل مما بني على قتل المتساعدين، حتى قتلنا الجماعة بالواحد. فأخذنا بكل جراحة من واحد نفسًا تامةً؛ لأن الأمر فيه بني على التناصر. ولذلك قال عمر:((لو تمالأ عليه أهل صنعاء لأفديتهم به.)).