قال له حنبلي ناصرا لمذهب الشافعي، ومذنبا على بعض المتفقهة بجامع القصر: الصيد مضمون بالكفارة في الجملة، والآدمي في الجملة. وللصيد حالة لا يضمن فيها بالكفارة، فيخرج عن عصمة الحرم، وهو إذا صال. ينبغي أن يكون الآدمي، إذا خرج في حق هذا، ولي الدم، عن وجوب الكفارة، أن يخرج عن عصمة دمه عنه. ولأن الصيد آكد عصمة، فلا يستدل بعصمته بالحرم على عصمة القاتل؛ بدليل أن الصيد لا يحل تنفيره وإحواجه إلى الخروج ليصاد؛ وهذا يجوز تنفيره ليخرج فيقتل. والصيد يعصمه إحراج في غيره؛ والقاتل لا يعصمه إحرام في غيره، وهو الولي، ولا إحرام التجئ إليه، وهو إذا أحرم بالحج بعد أن قتل عمدا من يكافئه. ولأن الحرم، إن عصم دم الصيد، فقد حصل محلا للقرب بدم الأنعام هدايا وضحايا وقرانا ومتعة. فليس لك أن تلحق القاتل بعصمة الصيد إلا وتلحقه بسفك دم الهدي، وهو به أشبع. لأن سبب الإيجاب جاء من قبله. ولأن الشرع أوجب قتل الزاني المحصن والمرتد، وفي قتل هؤلاء مصالح دنيوية ومصالح دينية؛ كما أن في قتل الهدايا مصالح وطاعات. بخلاف الصيد، لأن دمه لا يجب [سفكه]، ولا وجود من جهته ما اوجب قتله. ومتى وجد منه الصول، زالت عصمته، فنفي وجوب القتل في حق الآدمي بعد فراغه من القتل لحق الصيال في حق الصيد. وذلك يسقط عصمة الصيد؛ كذلك هذا.