ترى الواحد من المشار إليهم إذا قيل ((هذا فلان مريض نعوده)) أو ((مات، نصلي على جنازته)) - وقد جاء في العيادة من السنن ما قد جاء، وفي صلاة الجنازة قيراط من الأجر- استراح في التقاعد عن أسباب الثواب بقوله ((عادتي)) وبقول أتباعه ((ما عادة الشيخ ذلك)) يا سبحان الله! ما أقبح عادة خرجت بصاحبها عن سمت السنة! وهل جاءت الشريعة إلا بدحض العوائد لتحصل الفوائد؟ وإن عرضت مشكلة من الحوادث الفقهية، فسئل عنها، انف أن يقول ((لا اعلم؛ )) بل قال ((يقع لي كذا وكذا.)) وهل الشريعة بالواقع؟ هيهات ما كان أحوج هذا المسكين إلي نفس طائعة خاضعة منقادة لطاعة الله كيف جاءت، وسائلة عن إحكام الله عند من كانت، حتى يعلم أن بالعزلة والانقطاع قد تقع.
فأما إذا كانت يورث كبرا وأنفة من فوائد الشرع ومقامات الطلب لها، فما أخبث هذه من طريقةّ! إنما الطريقة للرجال هي رياضة النفوس ودعكها للاستجابة لأوامر الله، والصبر على عباد الله، وإعطاء الحق من النفس لكل واحد [من] هؤلاء المساكين سعالهم من النفوس، ما لو كان على أحدهم دين حتى يستدعيهم رسول الحاكم تعجرفوا، ولو خاشنهم المستحق بالمطالبة صالوا. فأرباب الأموال عملت فيهم الأموال زهوا، وأرباب السلطنة أثرت فيهم السلطنة تسلطا، وأصحاب الزوايا كذا [بون]، والعلماء متجبرون.
فأين من يرث النبوة بالحمل لأعباء الأمة وثقال الخلق وينهض