قاله الرسول عم. وهذه الأمور كلها أحمد من أمور الإمارة. والأمير يقوم بمصالح الناس التي بها سكون الفتنة وقيام المعدلة. وإنه سبب لبقاء النفوس القائمة لا لوجود ما لم يوجد بعد؛ فلا يتعلق به البقاء إلى القيامة. وكذلك يرزقهم من مال بيت المال، لا ملك نفسه. ويعدم فيه صلة الأجانب وتأسيس القرابة وحفظ النساء عن الزنا.
فإن قيل: الأمير [يدافع] عن الناس في مصالحهم، فكانت حسنة وضعًا، ما يملك لنفسه شيئًا. والزوج بالنكاح يملك المرأة، ويقضي شهوته منها، وسائرها التي ذكرت زوائد فيه. فتكون العبرة الأصل. فتصير من جملة المعاملات التي شرعت لحظوظنا، أو الأفعال التي أبيحت لضرورة دعوة طباعنا؛ كالأكل والشرب والنعوظ والتنفس ونحوها.- قلنا: إن الإمارة ترغب فيها النفوس لاقتضاء شهوة الجاه والولاية ونفاذ الأمر أكثر مما يرغب في النكاح لاقتضاء شهوة الفرج. ألا ترى أن الإمارة مطلوبة بين الناس بالقتال وجر العساكر بهوى النفس دون رغبة في الآخرة وطاعة الله، ولا يرغب في النكاح إلا لاقتضاء شهوة الفرج؟ ... وشهوات كبار النفوس في الجاه، ونفاذ الأمر فوق شهوات النفس في الجماع. إلا أن الشرع ما شرع الإمارة بحكمة اقتضاء الجاه والعلو في الأرض، بل ذلك إنما يكون لأهل الجنة في الآخرة؛ ولكن شرعها لإقامة مصالح الناس