هذا الوصف، بطل نظرك للفقراء باكتفائك لتمام النصاب في الطرفين دون الوسط، وتركك للنظر لأرباب الأموال، بحيث تعفو عن تمام النصاب في الوسط؛ والوسط الزمان الأطول. فإن أول الحول لحظة، وآخره لحظة، ومرور الزمان أكثره على شاة أو شاتين لا يبقى رفقًا؛ لأن الرفق بطول الزمان المار على مال كالآجال إنما تتم رفقًا إذا مرت على ديون في الذمم. فأما أن تمضي الأزمان والآجال على غير المقدار، فإنها تمضي خالية من ارتفاق، فتقع فارغة من مقصودها، فتخرج عن الآجال. فهذا من أهم ما روعي؛ وهو المعول عليه، من حيث إن الله سح علم أن الأموال مواسم ((لكل مال، ونوع من الأموال موسم تتحصل فيه الأرباح.
وأنا عندي بأن المقومات والأثمان سواء في اعتبار كمال النصاب لهذه العلة. فإذا كان وضع الحول لهذا، وجب أن يقع رفقًا إذا مضى على نصاب. وفارق ما ذكرت من السوم الذي إذا انحرم أثناء الحول لم ينحرم وجوب الزكاة. لأن المواشي لا تخلوا في كل حول من أيام تحبس لأجل السيل، أو غارة الخيل، أو الريح العاصف؛ فتمكن في البيوت وتحفظ في الأديار. والآحاد منها قد تتخلف لثقل حملها أو مرض يعتريها؛ فلا تلحق الغنم في السعي إلى المرعى. فلو أننا اعتبرنا دوام العلف في جميع الجوامع هذه القواطع، لسقطت الزكاة رأسًا عن كل نصاب من الماشية.