حسن التأويل لتصاريفك فيه. أنت مخرج من العدم, مبني ببنائه سافًا سافًا, قد أحكم صناعته فيك إحكاما يشهد له عندك بالحكمة البالغة. لم تقنع بما وضعه فيك من الفطنة بحكمته بشواهد صنعته حتى كاتبك وراسلك. وأخذ بحكم كلامه لك مخرج الاعتذار كاعتذار النظير, يقول لك فيما خفي عليك ألا يعتريك نفور أو اعتراض باطن:(ولكم في القصاص حياة) , (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء) , (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) , إن تقسيم الغنائم على خمسة أصناف, (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) فبين لك وجوه منعه وإعطائه وإيقاع العقوبة. ومن الذي أوجب عليه هذا؟
وأنت مع عبيدك لا خالق, ولا بان, ولا منشئ لهم. ليس لك فيهم إلا حق الحبس الذي هو جعله لك. وأنت لا ترى العبد أهلا أن تقول له:"إنما تقدمت بقصدك وحجامتك, وحميتك من الطعام الفلاني لمصلحتك." ولو نطقت بذلك لأزري عليك أمثالك من سادة العبيد, فقالوا:"فلان يعتذر إلى عبده؛ هذا إطماع له, وإفساد لحكم السيادة مع العبودية. وما للعبد وما إليه حتى يقول له سيده "إنما فعلت كذا لكذا"؟ " ولو كاتبه أو أرسل إليه رسولا, لقيل:"هذا غاية الاستفساد؛ هذا مما يسمح به العبد ويعدو طوره." وأنت متى أخفي عنك علة فعلٍ فعله فيك, أو أمرٍ أمرك به, تشردت وتوانيت عن فعله. وكذاك فيما