وخبرة عرفها في الوصي وعدمها في الأقارب. واختباره بعد موته باقٍ حكمًا.
اعترض عليه شافعي فقال: الأصل أن لا ولاية لأحد على أحد؛ بل كل يلي أمر نفسه ومصالحها. والأقارب ينتقل إليهم حكمًا. فلا يملك الأب أن يزيحهم عن حق لهم يصير إليهم حكما بعد مماته؛ بخلاف وكيله حال الحياة. ألا ترى أنه يملك حال الحياة صرفهم عن استحقاق بماله بالتبرع به جميعه؟ ولو وصى ذلك, لم يملك لما كان يصير إليهم بعد موته حكما؛ وبعد الموت, لا نظر له.
أجاب المستدل بأن قال: أن الأصل عدم ولاية الغير على الغير. إنما أصل هو السابق لابتداء خلقهم؛ وهو خلقهم مربوبين, مدبرين, مرتبين بالآباء والأمهات , إلى حين استقلالهم بخدمة نفوسهم. ثم جعل الغير ناظرًا في أموالهم إلى حين بلوغهم. ثم اعتبر من البلوغ رشدهم ومالهم في يد الغير يدبرهم فيه كتدبير الناطق للبهيم. فأي أصل سبق هذا حتى يقال "الأصل عدم ولاية؟ " كأنك تقول "الأصل الاستقلال," وبين كل واحد وبين الاستقلال أودية وعقاب وجبال. ثم إنه لم يترك العالم ونفوسهم حتى جعل عليهم خليفة, وعظم شأنه بأن لا شركة معه؛ وجعله فوق النبوة والرسالة؛ لأن الرسول مبلغ, والإمام مدبر؛ لعلمه بأنه لا يستقيم أمر الكل بتفويض الأمر إلى آحادهم بأنفسهم. فما زالوا في حجر