الفطرة السليمة بالتجربة. وما طلب من طلب الغفلة أو السكر المغطي على العقل إلا لثقل التكليف وتعاظم العرفان. وللطباع حظها، كما أن للمعارف حظها. ومركب من أشتات لا تعيش إلا باختلاف الأحوال؛ غفلة تعيش بها طباعه، ويقظة يصفو بها اطلاعه. ولهذا كان بلوغ السفير عم بالإعانة في خلال أحواله لعيش طباعه؛ ويظل عند ربه، فيغنيه عن القوام في وقت اجتذابه إلى ذلك المقام.
٦٤٩ - جرى في مسألة إيجاب القصاص بالسراية في الأعضاء بعضها إلى بعض
في مسألة الناس فيها على ثلاث مراتب
وهو إذا قطع أصيعًا من يد إنسان، فتآكلت إلى جنبها أخرى وسقطت، فأبو حنيفة لا يوجب القصاص في المقطوعة ولا المتآكلة؛ والشافعي يوجب القصاص في المقطوعة دون المتآكلة؛ وأحمد -رحنة الله عليه- يوجب القصاص في المقطوعة والساقطة بالتآكل جميعًا.
استدل فيها حنبلي فقال: إنا قد أجمعنا على إيجاب القصاص في النفس بالسراية من قطع الطرف. وما ذاكإلا لمعنى. وإلا فلم لم يوجب القصاص بزهوق النفس بلطمة، أو ضربة بقلم؟ وما كان الفصل والفرق إلا لأن اللطمة لا يناسبها زهوق النفوس. فجعلنا ذاك إزهاقًا من الله تع، لا بسراية من اللطمة إلى النفس. فهو بمثابة قوله تع في حق أيوب: