قال المستدل: أما اليد القاهرة، فحاصلة على هذه الأموال التي صار أصحابها بين جريح وهزيم وأسير. فلا قهر أوفى من هذا. فأما كون الدار لهم حكمًا، فلا يمنع من تغليب أيدي المسلمين بالمشاهدة وكون الأموال لهم. بدليل من كان في دار إنسان ليعمل، معه آلاته، كنجار وبناء وخياط، فإن الترجيح ليد الصانع، والحكم له بملك الآلة دون صاحب الدار.
وجاء المذنب عن أبي حنيفة، فقال: ليس القهر هو السبب عندي، فتحتاج أن تدل على أن القهر سبب، ثم تبين بعد ذلك أنه تام. ولا أقنع بمجرد المنع، بل أقول إن السبب الجهاد، وكل مال حصل عن الجهاد، الذي هو القتال للكفار لإعلاء كلمة الله وتقرير دعوة رسول الله صلع. يوضح هذا أنهم لو انهزموا وتركوه وهربوا، لم يكن غنيمة، وإنما يكون فيئًا. ولو التقى الصفان، ثم أخذت أموالهم، كانت غنيمة. وكذلك إن هربوا قبل المصافة، كانت غنيمة. لأنه بالمصافة تم الجهاد، ولأن قولك تم القهر. لأنا قد أجمعنا على أن الذي أخذ مالًا من أموالهم وهرب، هذا ليس بقاهر. وكذلك المستخفي الآخذ لأموالهم على سبيل التلصص ليس بقاهر قهرًا تامًا، ويملك المال. ولا تصح دعواك، ولا لي صحت، لأثر ذلك الملك.
وكان المستدل يكثر من قوله إن أموال أهل الحرب مباح، فهو