ولا ينفر صيدها، ولا يسفك فيها دم؛ لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحدد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من النهار.
اعترض عليه شافعي فقال: هذا محتمل؛ لأنه لا يدري ما التحريم: السكنى فيها، أو القلع من ترابها، أو إظهار السلاح فيها، أو الأكل والشرب فيها. فهو كقوله تع:{وآتوا حقه يوم حصاده}، لا يعلم من لفظه ولا الحق، لا جنسًا ولا قدرًا. بخلاف قوله:{حرمت عليكم أمهاتكم}، {حرمت عليكم الميتة}؛ لأنه بان في الأمر نكاحًا، والميتة أكلاً. فأما ما ههنا، فما بان من لفظه ما الذي حرم.
قال الحنبلي: نعوذ بالله ممن يغرب عنه الفهم مع هذا الاستقصاء والكشف! فإنه صلعم أبان بهذا شرف الموضع. ثم أبان أنه مع شرفه أحل له بكرمه ((لي ساعة من نهار.)) ونبه، بما ذكر على التحريم، إلى ماذا رجع؛ لأنه أوقف وقصر التحريم على مراعيها، وهي الخلى والكلأ؛ ومعاقل الطيور، وهي الأشجار. وصرح بتحريم تنفير الصيود. فعلم أنه عظم فيها حرية كل حيوان يلتجئ، وحفظ عليه قوته ومعقله. قال بعد ذلك: لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي. وأبان عن تغطية عليها حيث أسقطت حرمتها لأجل حرمة ساعة من نهار.
قال له الشافعي: فأنا قابل بموجبه. لكن الذي أحل له الدخول بالمعفر