(٣١١) زاد القرافي قوله: ولو رضى العبد بذلك لم يُعْتَبر رضاه. وقال ابن الشاط: ما قاله القرافي في ذلك صحيح. (٣١٢) عبارة القرافي ذكرت هذه الحقوق مع بيان حكمتها ومقاصدها، حيث جاء فيها قوله: "وكذلك تحريمه تعالى السكراتِ، صونا لمصلحة عقل العبد عليه، وحرَّم السرقة صونا لماله، والزنى صونا لنسبِه، والقذْفَ صونا لعِرضه، والقتل والجَرح صونا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك لم يُعتَبر رضاه ولم ينفَّذْ إسقاطه. وعقب عليِه ابن الشاط بقوله: أما في القتل والجرح فرضاه معتبَر، وإسقاطه نافذٌ. قلت: وبهذه العبارة والفقرة للقرافي يظهر نوع من الاختصار وجانبٌ من الايجاز عند البقوري رحمه الله، مما سأتناوله في دراسة لاحقة وخاصة بهذا العالم الجليل وكتابهِ هذا إن شاء الله وبعونه وتوفيقه، فقد اختصر فيه الإِشارة إلى القاصد التي لأجلها حرم الشرَع تلك الأمور ونهى عن ارتكابها والوقوع فيها. وهي المقاصد الضرورية التي جاءت بها وبحفظها كلَّ ملة، وجمعتها الشريعة الإسلامية، واسْتوعبَتْها الملة المحمدية التي ختم الله بها النبوة والرسالة، وفي ذلك يقول بعضهم: الدّين والنفس وعقلٌ ونسَبْ ... والمالُ والعرض فحفظُها وجَبْ في كل ملة لحكمة أتتْ ... حُدُودها من أجْلها قد حُفِظتْ وهو مضمون بيت عند الشيخ اللقاني في منظومته جرهرة التوحيد، حيث جاء فيه: وحِفْظُ دين ثم نفسِ مالٍ نَسَبٍ ... ومثلُها عَقْلٌ وعِرضْ قد وجَبَ وختم القرافي هذه الفقرة بقوله في هذه المسائل المشتملة على مصالح العباد عند التأمل واستعمال النظر، فقال: فتأمل ذلك بها ذكرتهُ لك من النظائر تجده، فتحجير اللهِ على العبد في هذه المواطن لطفا به، ورحمةً من الحق سبحانه.