(٣١٥) قلت: البرور بالولدين مطوب شرعا وطبعا، ويعتبرُ أعظمَ أنواع البِر والخير، التي ينال بها العبد المسلم رضي الله ورضي العباد، ويكفى للدلالة على ذلك أن الله تعالى أمر بالإحسان اليهما في غير ما آية، وقرنَهُ بالأمر بتوحيده وعبادته، فقال تعالى في سورة النساء الآية ٣٦: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}. وقال سبحانه في سورة الإسراء: الآية ٢٣، ٢٤، ٢٥ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا أن رضَى الله في رضَى الوالدين، وأن سخطه في سخطهما، وقدَّم الرعاية لهما والعناية بهما في حَالة كبرهما ضعفهما وعجزهما على الخروج إلى الجهاد في سبيل الله، وجعل ذلك البرورَ بمنزلة الجهاد، فقال لأحد الصحابة رضوان الله عليهم وهو يريد الخروج إلى الجهاد: ألك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهِدْ (أي جاهد في سبيلهما =