والحديث المشار إليه هنا عند الشيخ البقوري رحمه الله هو الحديث الصحيحِ المروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، مَن أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك". رواه الشيخان رحمهما الله. (٣١٦) الموازية أو كتاب الموارية بفتح الميم، هو للففيه الجليل والعلامة الكبير محمد بن ابراهيم بن زياد الاسكندري المعروف بابن المواز، المتوفَّى سنة تسع وستين ومائتين هجرية (٦٢٩ هـ)، وهو من أبرز وجوه المدرسة المالكية، وفي أشهر رجالها وعلمائها الذين تفتخر بهم هذه المدرسة. وكتابه هذا (الموازية) يعتَبَرُ من أجَل كتب المالكية في الفقه، ومن أصحها وأوعبها مسائلَ، وأبْسطها كلاما وتعبيرا. وقد ظل هذا الكتاب عُمدة المالكية زمنا طويلا، واختفَى عن أنظار الدارسين في هذا العصر، ومنذ قرون سلفتْ. حيث لم يبِق منه إلا قطعة رَقية صغيرة من خمس وثلاثين ورقة في خزانة المرحوم الطاهر ابن عاشور، حسب إفادة صاحب كتاب تاريخ التراث (فؤاد سيزكين)، غير أن الجزء الأعظم منه ما زال محفوظا في كتاب النوادر والزيادات لمؤْلفه الشيخ ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله، فقد احتفظ هذا الكتاب بنصوص كثيرة من الموازية لعلها تُشَكِل جُلَّ الكتاب. وكان الذي أدخلَهُ إلى بلاد الغرب الاسلامي هو الفقيه العلامة درَّاس بن اسماعيل الفاسي، المتوفى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة (٣٣٧ هـ)، أدخلَهُ أولا إلى تونس ثم أدخلهُ الي المغرب. وعن هذا الكتاب (الموازية) يقول أخونا وصديقنا العزيز الاستاذ الجليل، الدكتور الفاضل عمر الجيدى الذي افتقدناه رحمه الله، وهو في أوج نضجه وعطائه العلمي واستيعابه للمذهب المالكي ومؤلفاته المخطوطة منها والمطبوعة، وفي دماثة اخلاقه ولطف معاشرته، وكريم تواضعه. قال رحمه الله عن كتاب الموازية في كتابه القيم المفيد: "مباحث في المذهب المالكي بالمغرب": "وهو أحد الكتب الاربعة التي درج العلماء والفقهاء المالكية على تسميتها بالأمهات، وهي: المدونة، والواضحة، والعتبية أو المستخرجة، والموازية، وهي الكتب الفقهية التي شكلت الاسس التي قام عيها المذهب المالكي. ولقد وصَلَنَا ين هذه الأمهات كتابان هما: المدونة والعتبية، أما الواضحة والموازية، فلم يصلنا مهما إلا نُتَف يسيرَة موزعة في بعض المكتبات، وبحضها مبثوث في كتب الفروع، وبقدر ما نعتز بوجود المدونة والعتبية بقدر ما نأسف لضياع الواضحة والموازية". فليرجع إلى تلك المباحث ومَصَادرها من أراد التوسع في الموضوع.