للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوافقهما في حجَّة الفريضة العامَ والعامين، وقال الأصحاب: لا يعصيهما في الخروج للغزو إلَّا أن يتَعيَّن بمفاجأة العدُوِّ. (٣١٧)

المسألة الرابعة: قال الغزالي في الإِحياء: (٣١٨) أكثرُ العلماءِ على أن طاعة الوالدين واجبة في الشبُهاتِ دون الحرام، وإن كرِها انفراده عنهما في الطعام وجب عليه موافقتهما وياكلُ معهما، لأن ترك الشبهة مندوب، وتركَ طاعتهما حرام، والحرام مقدَّم على المندوب، ولا يسافِرُ في نافلة ومباح إلّا بإذنهما، ولا يبادرُ لحج الاسلام إلا بإذنهما، (٣١٩) ولا يخرجُ لطلب العلم إلا بإذنهما، إلا عِلْمٍ هو فرض عليه متعيَن ولم يكن في بلده من يُعَلِّمه، لأنه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق.

وقال الحسن: إذا منعَتْه أمه عن صلاة العِشاء في الجماعة شفقةً عليه فليعصها. قال الشيخ أبو الوليد الطرطوشي في كتاب بِرّ الوالدَيْن: لا طاعة لهما


(٣١٧) فالجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة ونصره دينه الحنيف فرض كفاية على المكلف القادر، إذا دعا داعِيه، ونادَى مناديه لتلك الغاية، وأمر به من تجب طاعته من خليفة المسلمين وإمامهم الاعظم في أي عصر أو مكان كان، وحينئذ إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
ويكون فرض عين حالة فَجءِ العدو لبلد من بلاد المسلمين. قال الشيخ خليل - رحمه الله. في ذلك: "وتعيَّنَ بِفَجْء العدو وإن على امرأة وصبي، وعلى مَن بقربِهِم إن عجزوا".
(٣١٨) المراد به كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي رحمه إليه، وهو من ابرز كتبه القيمة، وأشهر مؤلفاته العلمية الذائعة الصيت، اشتمل على علم غزيز متنوع، من فقه وتصوف وآداب وأخلاق ... الخ، وهو كتاب مبارك نفع الله به المسلمين، ولا يكاد كتاب في العلوم الفقهية والإسلامية بصفة عامة، يخلو من ذكر كتاب الإحياء والإشارة اِليه، كما لا تكاد مكتبة عالمٍ فقيه أو متصوفٍ تخلوٍ من وجود كتاب الاحياء بينها لغزارة مادته وعلمه، ووفرة منفعته وفوائده، وخير وبركته، فقهاً وتصَوفاً، وفكراً وتوسّعاً، كما لا تكاد مكتبة عالم فقيه او متصوف تخلو من كتاب الشفا في التعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض وغيره من
المؤلفات القيمة لعلماء الاسلام رحمهم الله.
(٣١٩) حجُّ الإسلام أو حَجةُ الإسلام، ويسميها الفقهاء، حجة الصَّرورة (بالصاد) هي الحجة الفريضة الواجبة مرَّة واحدة في العمر علي من توفرت له الاستطاعة المالية من المسلمين، باعتبار الحج ركنا من أركان الدين، وقاعدة من قواعده الخمسة المعلومة من الدين بالضرورة لدى كل مسلم ومسلمة، مصداقا لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. سورة آل عمران، الآية ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>