للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، أشكلَ ذلك على بعض الفقهاء، فقالوا: عدم المانع شرط، وليس كذلك، لأن القول بهذا يلزم منه محالٌ، ومَا لزم منه محال فهو محال.

وبيان هذا المحالِ بتقرير قاعدةٍ، وهي:

أن كل مشكوك فيه يُلغى في الشريعة ولابدَّ، فإذا شكَكْنا في السبَب لم نرتّبْ الحكم، وإذا شكَكْنا في الشرط كذلك لم نرتب الحكم، واذا شكَكْنا في المانِع رتبنا الحكم.

فالسببُ كالطلاق نشك فيه، فالعصمةُ باقية. والشرطُ كالطهارة شككنا فيها، لا نُقْدِمُ على الصلاة. والمانعُ شكَكْنا أن زيدًا مات موحِّدًا أم لا (١٢٦)، فنقضى بصحة الارث ولا نلْتَفِتُ لِلمانع (١٢٧).

فإن قيل: كيف تكون هذه القاعدة مُقَرَّرَة هكذا على مذهب مالك وهو يقول: من شك في الحدث بعد تقرر الطهارة يجب عليه الوضوءُ، فهذا القول منه، بناء على أنه لم يجعَل المشكوك فيه كالمحقَّق العَدَمِ (١٢٨).

نعَمْ، الشافعي الذي قال: لا شئ عليه كانتْ القاعدة عنده مقررة.

قلْنَا: القاعدة مُجمَع عليها، والخلاف هنا من حيث الإِجماعُ على اعتبارها.

وبيان ذلك أن الاجماع منْعَقِدٌ على شَغْل الذمة بالصلاة، والبرآة للذمة من الواجب تتوقف على سبب مُبْرئ إجماعا. والقاعدة أن الشك في الشرط يوجب


(١٢٦) في نسخة ح مات مرتدا أم لا، وكذلك في نسخة اخرى، وهو ما عند القرافي حيث قال: وأما المانع فكما إذا شككنا في أن زيدا قبل وفاته ارتد أم لا، فإننا نورث منه، استصحابا للاصل، لأن الكفر مانع من الارث وقد شككنا فيه، فنورث، فهذه قاعدة مجمع عليها وهي أن كل مشكوك فيه يجعل كالعدم الذى يُجْزَمُ بعدمِهِ.
(١٢٧) كذا في هذه النسخة ع، وفي نسخة اخرى، وفي نسخة ح: ولا نثبت المانع، وكلاهما صحيح وسليم من حيث اللفظ والمعنى.
(١٢٨) كذا في جميع النسخ الثلاث، ولعلها بمعنى العدم المحقق، أىْ بناءً على انه لم يجعل المشكوك فيه كالعدم المحقق، فتكون الاضافة لفظية، يحوز اقتران المضاف فيها فألْ، على عكس الإضافة المعنوية لا يجوز فيها ذلك، كما هو معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>