للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشك في المشروط ضرورة. والشك في الطهارة يُوجِب الشك في الصلاة الواقعةِ سبَبًا مُبْرئا، فإن اعتبرنا هذه الصلاة سببا مُبْرِئًا فقد اعتبرنا المشكوك فيه ولم نصَيّره كالمُحَقَّق العدَم، وان اعتبرنا الحدَث المشكوك فيه كما قال مالك فنحن - ايضا - لم نُصَير المشكوك فيه كالعَدَم المحقق، (١٢٩) فلابُدَّ من مخالفة هذه القاعدة في هذا الفرع، ويترجَّحُ ما قاله مالك، من حيث إن الطهارة من باب الوسائل، والصلاة من باب المقاصد، والغاء الوسائل أولَى من الغاء المقاصد، فيقع زيادة اعتناء بالمقاصد.

فاذا تقررتْ هذه القاعدة، فنقول:

لو كان عدمُ المانع شرطا لاجتمعَ النقيضان فيما إذا شككنا في طريان المانع.

بيانه أن القاعدة، أن الشك في أحد النَّقِيضَيْن يوجب الشك في النقيض الآخر بالضرورة. فمن شك في وجود زيْدٍ في الدار فقد شك في عدمه في الدار ضرورة. فإذا شككنا في وجود المانع فقد شككنا في عدمه بالضرورة، وعدمه شرط عند هذا القائل، فنكون قد شكَكْنا في الشرط أيضا، واذا اجتمع الشك في الشرط والمانع اقتضى شكُّنا في الشرط الذي هو عدم المانع أن لا نرتب الحكم، واقتضى شكُّنا في المانع أن نرتب الحكم، بناء على ما تقدم، فنرتب الحكم ولا نرتيه، وذلك جمعٌ بين النقِيضيْنِ. وإنما جاء هذا المحالُ من اعتقادنا أن عدم المانع شرط، فَيَجبُ أن نعتقد (١٣٠) أنه ليس بشرط، واذا كان ليس بشرطٍ، ظَهَرَ الفرق، وهو المقصَود من القاعدة.

قلتُ: ذَكَر شهاب الدين فرقا وَهو: الفرق السَّابع والتِّسْعونَ (٩٧) بين قاعدة الشك في طَرَيَان الأحداث بعد الطهارة وبيْن قاعدة الشك في طريانِ غيره


(١٢٩) يلاحظ في التشبيه في هذه العبارة أنه قيل فيها كالعدم المحقق، وفيما قبلها كالمحقق العدم، وهي ما عند القرافي في العبارتين، فلعلَّه تعبير مقصود أن يوصف الشئ بكونه مُتَحقِق، او محقق العدم بفتح الفاف على سبيل الاضافة بالعدم، فيكون معدوما، والاضافة لفظية كما قلتُ.
(١٣٠) في نسخة ح: يجبُ أن يُعتقَد (بياء الفعل المضارع المبني للمجهول).

<<  <  ج: ص:  >  >>