للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعا كالمعدوم حِسًّا، إذ الشارع لمّا علِم عدَمَ معرفته بمصلحته لم يَعتبرْ رضاه رضىً، وغير الراضى لا يلزمه شئ مِمَّا ذكر، وقاعدة الإِتلاف لا أثر فيها للرضى الْبَتَّةَ.

الوجه الثاني: أن أثر الطلاق التحريم، وأثر البيع الإلزامُ، والصبيّ ليس أهلًا للتكليف بالتحريم والإلزامِ.

فإن قيل: تتأخرُ هذه الاحكام كما تأخر الإلزامُ دَفعْ القيمة (١٤)، قيل: الفرق أن تأخُّرَ المسبَّبَاتِ في أسبابها خلاف الأصل. وخولف هذا الأصل في الإتلاف، لضرورة حق الْآدَمى، مخافة أن يذهب مالُه مَجَّانا، ولا ضرورةَ تدعو لتقديم الطلاق وتأخير التحريم. (١٥).

المسألة الثالثة:

الطهارة، وسَتْر العورة، واستقبال القِبلة في الصلاة، الفتاوى متطابقة على أنها واجبة، مع أن المكلف لو توضأ قبل الوقت، واستتر، واستقبل الكعبة، ثم جاء الوقتُ وهو على تلك الصورة وصلى من غير أن يجدد فعلًا البتَّة (١٦) في هذه الثلاثة، أجزأته صلاته إجماعا، وفعْلُه قبل الوقت لا يوصَف بالوجوب (١٧)، فإن


(١٤) كذا في نسخة ع، وح، وفي نسخة أخرى: كما تأخر زمان دفع القيمة.
وعبارة الفروق: فإن قيل: فلِمَ لَا تتأخر هذه الأحكام بعذ البلوغ كما تأخر إلزام دفع القيمة؟ قلت: الفرق الخ ... وهي عبارة اكثر ظهورا ووضوحا في سلامة اللفظ والدلالة عل المعنى.
(١٥) زاد القرافي رحمه الله هنا في آخر هذه الفقرة قوله: بل إذا اسقطنا الطلاق واستصحبنا العصمة لم يلزم فساد ولا تفوت ضرورة، وكذلك إذا أبقينا الملك في البيع للصبي كنا موافقين للاصل، ولا يلزم محذور، البتة، أما لو أسقطا إتلافه ولم نعتبره لضاع مال المجني عليه وتلف، وتعَيَّن ضرره، وهذا فرق كبير، فتأملْه.
(١٦) في نسخة ح: فِعْلَ النية. والذى في كتاب الفروق للامام القرافي رحمه الله، وكذلك في حاشتيه لعمدة المحققين ابن الشاط رحمه الله هو ما في نسخة الخزانة العامة، وهو: "من غير أن يُجَدِد فِعْلا البتَّةَ. وهو أظهر، في المعنى فليراجِع وليُحَقَّقْ.
(١٧) علق الفقيه ابن الشاط على هذه الجملة عند القرافي بقوله: قول القرافي: "وفعْلُهُ قبلَ الوقت لا يوصف بالوجوب" ممْنوع، بل يوصف بالوجوب عند من يقول غنه من الواجب الموسَّع.

<<  <  ج: ص:  >  >>