للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى في كون الكُفار خوطِبوا بفروع الشريعة أم لا، ثلاثة أقوال: مخاطَبون، ليسُوا مخاطَبين. الفرق بين الأوامر والنواهي، فهم مخاطَبون بالنواهي دون الأوامر. (٢٢٢)

فمن قال: ليسوا مخاطَبين قال: لَو وجبت عليهم الصلاة لوجبتْ إما حالةَ الكفر وإما حالةَ الإِسلامْ، والقِسمان باطلان، فالقول بالتكليفِ (٢٢٣) كذلك:

أمّا حالة الكفر فلان التقريب بها من الكافر لا يتعقَّل ولا يصحُّ حينئذ، وأمَّا في حالة الاسلام فلانعقاد الإِجْماع على أن الإِسلام يَجُبُّ ما قبلهُ.

والجواب أن نقول: نختار التكليف حالة الكفر. وقولُهُ لا تصح، قلنا: مُسَلّم، ولا يتحصَّلُ له مقصود، (٢٢٤) لأن هذا الزمان ظرف. للتكليف فقط لا لإِيقاع المكلَّف به، والإِيقاع هو الذي لا يصح، ومعنى هذا أنه أُمِر في زمان الكفر أن يزيله ويبدِّله بالِإيمان، ويفعل الصلاة في زمن الإِسلام لا في زمن الكفر، فصار زمن الكفر ظرفا للتكليف فقط، وزمن الإِسلام هو للتكليف ولإِيقاع المكلف به.

المسألة الثانية: المحْدِثُ مأمور بإيقاع الصلاة ومخاطَبٌ بها في زمن الحدث إجماعا، والكفر هو الذي وقع الخلافُ فِيهِ، أما زمن الحدَث فلا. ثُمَّ إن الإجماع انعقد على أن المحدِث لا تصح صلاتُه في الزمن الذي هو فِيهِ مُحْدِثٌ، وإنما تصح في زمن الطهارة، وزمان الطهارة هو زمان التكليف بإيقاع الصلاة دون زمان الحدث، وزمان الحدثِ هو ظرف التكليف فقط.

قلت: كذا وقع هذا في الفروق لشهاب الدين رحمه الله، وآخر الكلام يناقض أوله.


(٢٢٢) زاد القرافي هنا قوله: واتفقوا على أنهم مخاطَبُون بالإيمان وقواعد الدين، وإنما الخلاف في الفروع، وتقرير المسألة مبسوطا في أصول الفقه.
(٢٢٣) في نسخة ح: فالتكليف كذلك.
(٢٢٤) عبارة القرافي هنا، أظهر، وهي: ولا يلزم من ذلك عدم حصول التَّكْليف في هذه الحالة وفي هذا الزمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>