للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تحررت هذا القواعد، فنقول:

الاحتمالات، تارة تكون في نفس كلام الشارع فتقدح، وتارة تكون في محل مدلول اللفظ فلا تقدحُ. (١٥)

فمن القسم الأول أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الوضوء بنبيذ التمر فقال: "تمرة طيبة وماء طهور"، فتمسكت الحنفية به، فقلما لهم: قوله عليه الصلاة والسلام هذا يحتمل أن يكون لا قبل تغيُّر الماء بالحلاوة، ويحتمل أن يكون لا بعده، فهذا اللفظ عام بالنسبة إلى الحالتين، وهو يَصْدُق عليهما، والدليل الأعمُّ غير قال على الأخص، فيسقط الاستدلال.

فهذا اللفظ عام بالنسبة إلى الحالتين، وهو يصدق عليهما، والدليل الأعم غير قال على الأخص، فيسقط الاستدلال.

قلت: هذا ضعيف جدًا، فالجواب مرتب على السؤال، وهو: نبيذ التمر هل يتوضأ به؟ فقد عين الحالة الواحدة، فإن من شرط الجواب أن يطابق السؤال (١٦)


(١٥) قال ابن الشاط عن هذه الفقرة: ما قاله القرافي هنا صحيح.
(١٦) علق ابن الشاط على كلام القرافي في هذه المسألة حين قال: "قوله عليه الصلاة والسلام: "تمرة طيبة وماء طهور" لم يتعرض في ذلك لما قبل التغير ولا لما بعده"، فقال ابن الشاط: لا يجوز على الشارع صلوات الله وصلامه عليه أن يسأل عن شيء ثم لا يجيب عنه، ولا يجوز عليه أن يخبر بما لا فائدة فيه، وهو - صلى الله عليه وسلم - إنما سئل عن الوضوء بالنبيذ، والنبيذ اسم الماء المستنقع فيه التمر حتى يتغير حقيقة، أما قبل التغير فلا يسمى نبيذا إلا مجازًا، بمعنى أنه يؤول إلى ذلك، فلا شك أن ظاهر الحديث أنه أراد أن أصل النبيذ تمرة طيبة وماء طهور، وأنه باق على حكم الأصل من الطِّيب والطهورية ... اهـ.
فليتأمل هذا التعقيب والتعليق من ابن الشاط على كلام القرافي، فإنه دقيق وهام في توضيح المسألة كسائر تعليقاته التي يأتي بها، تكميلا وتصحيحا لما عند القرافي من القواعد والمسائل المتفرعة عنها، ويستعين بها المطلع على فَهْمِ ما اختصره ولخصه البقوري منها. رحمهم الله تعالى ورضي عنهم أجمعين، ونفع بعلمهم آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>