للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأظهر أن لو بدأتُ بهذا الفرق، ولكنه لم يظهر لي هذا إلا بعد الكتب لما قبله، فنقرر أولا معنى الاستثناء فنقول:

الاستثناء: إخراج ما وجب دخوله تحت اللفظ الأول بإلا أو ما يقوم مقامها. والمجازُ هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما.

ثم إنهما بحسب مواردهما، كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه، وأخصُّ من وجه.

وضابط الأعمِ من وجهٍ والأخص من وجه أن يكون كل واحدٍ منهما بوجهٍ منفردًا ومع الآخر، فينفرد كل واحد منهما بصورة ويجتمعان بصورة، كالحيوان والأبيَض.

ومثال الصورة التي يدخلها الاستثناء دون المجاز، فإنه لا يصح فيه، أسماءُ الأعداد، فلا يجوز إطلاق العشرة ويريد بها أقل من ذلك أو أكثر، ويجوز الاستثناء. ومثال الصورة التي يدخلها المجاز ولا يدْخلُها الاستثناء، المعطوفاتُ، إذا قال أحدٌ: رأيتُ زَيدًا وعَمْرًا إلا عمرًا، لا يجوز، لما فيه من الاستغراقِ، بخلاف أعْطه ثلاثة دراهم. إلا درهمًا.

ويجوز المجاز في المعطوفات، وذلك بأن يريد الثاني غير الأول، كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}. (٣٧)، هذا في الألفاظ المترادفة. وفي المتباينة كقولك: رأيت زيدًا والأسدَ، وتريد بالأسَدِ زيدًا لشجاعَتِهِ.

ومثال اجتماعهما في صحة الدخول والاستعمال، كأن تقول: رأيت إخوتك إلا زيدًا، وتقول: رأيت إخوتك، وأنت تريد دار إخوته أو أمِيرَ إخوتِهِ، أو ما أشبه ذلك، فالعمومات (٣٨) يجوز فيها الوجهان، وكذلك الظاهر الذي ليس


(٣٧) سورة يوسف. الآية ٨٦.
(٣٨) في نسخة ع، في العمومات، وفي نسخة جـ: فالعمومات" وهي أصح وأسلم، واكثر وضوحا وظهورا في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>