للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حمل المطلق على القيد لا لموجب، وذلك فيما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب"، وورد أولاهن بالتراب، فكان حقهم أن يقيدوا إحداهن بأولاهن، قال شهاب الدين -رحمه الله-: فأجبته بأنهم ما خرجوا عنه إلا لموجب، وذلك أنه جاء أولاهن بالتراب، وجاء: "أخراهن بالتراب"، فلما تعارض التقييدان لم يكن تقييدهم بأحد القيدين أولى من الآخر، فأبقوا المطلق على إطلاقه.

المسألة الثانية.

جاء عن النبى - صلى الله عليه وسلم - النهي عن بيع ما لم يضمن (٧٥)، وأَخذَ الشافعى بعموم هذا الحديث. وجاء نهيه - عليه الصلاة والسلام - عن بيع الطعام قبل قبضه، فخصَّص أصحابنا ذلك الحديث بهذا، وجوزوا بيع الطعام قبل قبضه. ثم منهم من يقول: هو من باب حمل المطلق على المقيد، وهو لا يصح، لأن الكلية لا تقيد، إذ هو عام. ومنهم من يقول: الأول عام والثاني خاص، وهذا أيضا لا يصح، لأن من شرط المخصص للعام أن يكون منافيا له. وأما بعض الشيء فيجوز ذكره ولا يكون مخصصا، لأنه ليس منافيا لما هو له بعض، وكذلك هو ها هنا.


(٧٥) كذا في نسخة ع، ونسخة ح، ونسخة ثالثة: ما لم يضمن.
والذي عند القرافي رحمه الله هو قوله: ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله - أنه نهى عن بيع ما لم يقبض. ونصه في الموطأ عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال: من ابتاع طعاما فلا يقبضه حتى يستوفيه (أو حتى يقبضه)، وأخرجه كذلك الامام البخاري رحمه الله. على أن ما فيِ نسخ ترتيب الفروق هنا من عبارة ما لم يضمن لها أصل فيما روي أصحاب السنن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ربح ما لم يضمن، أو عن بيع ربح ما لم يضمن، وهذا فى المدلول والمعنى يؤول إلى رواية النهي عن بيع ما لم يقبض فهو بمعناها إلا أنها أعم من رواية النهي عن بيع الطعام، ولذلك جاء في شرح العلامة الزرقاني على الموطأ أن الامام مالكا رحمه الله ألحق بالابتياع سائر عقود المعاوضة (أي النهي عن البيع فيها قبل الاستيفاء) كأخذه مهراً أو صلحاً، وكدفعه عوضا من مهر أو خلع أو هبة ثواب أو صلح أوْ إجارة فيمنع ذلك قبل قبضه، فإذا ملك الشيء بلا معارضة كهبة وصدقة وسلف جاز بيعه قبل قبضه. الخ ...

<<  <  ج: ص:  >  >>