وهنا علق الشيخ قاسم بن الشاط رحمه الله على هذه الفقرة بقوله: قلت: لم يقتصر الإِمام (أي المازرى) في مفتَتَحِ كلامه الذى نقل منه الشهاب ما نقل على الفرق بالعموم والخصوص، ولكنه ذكر مع الخصوص قيدا آخر، وهو (مكان الترافع إلى الحكام والتخاصم وطلبِ فَصْلِ القضاء، ثم اقتصر في مختتم كلامه. على الخصوص والعموم، والأصح اعتبار القيد المذكور، ويتضح لك ذلك بتقسيم حاصر وهو: أن الخبر إما أن يقصد به أن يترتب عليه فصل قضاء، وإبرامُ حكم، وإمضاء أو لا، فإن قصد به ذلك فهو الشهادة، وإن لم يقصد به ذلك، فإما أن يقصد به ترتب دليل حكم شرعي أو لا، فإن قصد به ذلك فهو الرواية، وإلا فهو سائر أنواع الخبر، ولا حاجة بنا إلى بيان تفاصيلها، لِأن المقصود إنما هو بيان ما يجوز في اصطلاح الفقهاء والأصوليين واعتباراتِهِمْ ودليل صحة اعتبار القيد المذكور (أي إمكان الترافع والتخاصم والتقاضي في الشهادة) أن المخبِر بأن لزيد قِبل عَمْرو دينارا، غير قاصد بذلك الخبر أن يترتب عليه فصل قضاء، لا يسمى في عرف الفقهاء والأصوليين شاهدا على جهة الحقيقة بل يسمى مخبرا، وكذلك المخبر عن الأمور الواقعة التي لا يستفاد منها تعريف دليل حكم شرعي لا يسمى عندهم على جهة الحقيقة راوياً، وإن سمي كما في الأقاصيص ونحوها فهو مجاز من جهة أنهم لا يشترطون فيه ما يشترطون في رواة تعريف أدلة الأحكام". انتهى كلام الفقيه ابن الشاط، وتعليقه على كلام الإِمام المازرى، ونقلِهِ من طرف الإِمام القرافي. وانما نقلت في هذا التعليق كلام هذين الإمامين الجليلين بتمامه وعلى طوله نظرا لأهميته ونفاسته، ولأن الاطلاع على كلامهما وعلى كلام الشيخ البقوري في هذا الاختصار والترتيب للفروق يُلْقِي ضوءا كاشفا، ويعطي بيانا واضحا ما عليه من مزيد في معرفة وإدراك الفرق بين الرواية والشهادة، ولأن الإتيان بهذه الفقرة مطولة بهذا التعليق الذى ليس في ترتيب الفروق قد يغني القارئ والمطلع عن البحث عنها والرجوع إليها إذا لم يكن بَيْنَ يديه كتاب الفروق للإِمام القرافي رحمه الله ورحم كافة علماء المسلمين ورضي عنهم أجمعين.