للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألتزم من قولي: صادقان، أنه كذب، وهذا لأن القضية المركبة تُعدَم لعدم جميع أجزائها ولعدم جزء من أجزائها، فيقع عدم المطابقة، وذلك الكذب.

المسألة الرابعة: إذا قلنا: الإنسان وحده ناطق، وكل ناطق حيوان، فينتج: الإنسان وحده حيوان، وهو كذب، مع أن المقدمة صحيحة، فكيف يُنتج الصادق الكاذبَ (٨٢) وذلك يبطل الاستدلال.

والجواب أن الفساد إنما جاء من جهة أن المقدمة الأولى هي مقدمتان: إحداهما سالبة والأخرى موجبة، فإن قولنا: الإنسان وحده ناطق، معناه أنه ناطق، وغيره غَيرُ ناطق، هذا هو مدلول وحده لغة، فإن جعلنا مقدمة الدليل من الموجبة وحدها صح الكلام، فإنه يصير: الإنسان ناطق، وكل ناطق حيوان، نتج: كل إنسان حيوان، وهذا صحيح. وإن جعلنا مقدمة القياس هي السالبة لم يصح الإنتاج لفوات شرطه، فإن الشكل الأول، من شرطه أن تكون صغراه موجبة، وهذه سالبة، فلا يصح الإنتاج، وإن جعلنا مجموع المُقَدمتين مقدمة واحدة امتنع أيضاً، فإنه لا قياس عن ثلاث مقدمات (٨٣).

المسألة الخامسة: نقول: الفول يغذي الحمام، والحمام يغذي البازي، المقدمتان صادقتان، والنتيجة كذِب، إذ لا يأكل إلا اللحم.

والجواب أن الفسادَ جاء من جهة عدم اتحاد الوسط، فإن قولنا: الفول يغذي الحمام، الأصل أن يقال: وكل ما يغذي الحمام يغذي البازي، ولم نأخذه بل أخذنا مفعول المحمول الذي هو الوسط، ولم يؤخذ معناه.

المسألة السادسة: تقول: كل زوج عدد، والعدد إما زوج أو فرد، ينتج: الزوج إما زوج أو فرد، وذلك كاذب مع أن المقدمات صادقة.


(٨٢) كذا في نسخة ع، وعند القرافي: فكيف ينتج الصادق الخبر الكاذب. وفي نسخة ح: والكاذب بالواو، وهو يبدو خطأ من الناسخ.
(٨٣) عقب ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بقوله: ما قاله جواب حسن، بناء على أن الخبر لا بد أن يكون صدقا أو كذبا، وأما على أنه يخلو منهما فلا إشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>