(٣٧) ولا خلاف في الطرفيْن: أىْ إذا أخرجتْ الزكاة قبل ملك النصاب لا تجزئ إجماعا، وإذا أخرجت بعد ملك النصاب ودوران الحول أجزأت إجْماعا، وبعد ملك النصاب وقبل دَوَرَاهِ الحول، فيها خلاف. قال القرافي هنا: وكذلك إذا أخرج زكاة الحَب قبل نضج الحب وظهوره لا تجزئه، وإن أخرجها بعد ييسِهِ أجزأت، ولم يختلفن في هذه الصورة في الإجزاءِ، أعنى العلماء المشهورين في إجزاء المُخْرَج، بخلاف زكاة النقديْن إذا أخْرِجَتْ بعد ملك النصاَب وقبْل الحول، لأن زكاة الحب ليسَ لها سببٌ وشرط، بل سببٌ واحد، فلا تتخرج على هذه المسألة، بل على مسألة الصلاة قبل الزوال. وبهذا يظهر بطلان قياس أصحابنا عدم إجزاء الزكاة إذا خرجت قبل الحول على الصلاة قبل الزوال في قولهم: واجبٌ أخْرج قبلْ وقت وجوده، فلا يجزى، قياسا على الصلاة قبل الزوال، فهذا قياس باطل، بسبب أن ما يساوي الصلاة قبل الزوال إلا إخراج الزكاة قبل ملك النصاب، وهم يساعدون على عدم الإِجزاء قبل ملك النصاب. وقد علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في مسألة الزكاة، وزكاه بقوله: ما قاله فيهما صحيح ظاهر. (٣٨) قال القرافي هنا في الشفعة: فإن أسقطها (الشفيع) قبل البيع لم يُعْتَبر إسقاطه، لعدم اعتبارها حينئذ، واعتبار الِإسقاط فرعُ اعتبار المسقط، أو أسقطها بعْد الأخْذِ سقطت إجْماعا، وإن أسقطَهَا بعد البيع وقبل الأخذ سقطتْ، ولا أعلم في ذلك خلافًا ... " قال ابن الشاط معلقا على كلام القرافي هنا: ما قاله في هذه المسألة ليس بصحيح، فإن الأخذ بالشفعة هو الحكم بعينه أو متعلقه، فكيف يكون شرطا في نفسه؟ هذا مما لا يصح، وإنما هذه المسألة من الضرب الذي له سبب دون شرط، ولذلك لم يقع خلاف فيما إذا أسقطها بعد البيع وقبل الأخذ، والله أعلم.